تأسست خدمة الهاتف الإسلامي عام 2000 فى جمهورية مصر العربية ، وهى خدمة دينية إسلامية وسطية.. |    
 
 
   
Urdu English الاتصال بنا روابط اخرى فتاوى شائعة من نحن Q & A الرئيسية
 
 

 

 
سؤال وجواب --> العقيدة --> نواقض الإسلام العشرة، تكفير المصر على المعصية    

السؤال : ما الحد الفاصل بين الكفر والإسلام؟ وهل من ينطق بالشهادتين ثم يأتي بأفعال تناقضهما يدخل فى عداد الكفار رغم صلاته وصيامه؟ وحكم الإصرار على المعصية؟  

ملخص الفتوى: نواقض الإسلام عشرة: الشرك، جعل وسائط بين الله وبين العباد للشفاعة، عدم تكفير المشركين، تفضيل شيء من هدي أو حكم غير النبي صلى الله عليه وسلم على هديه وحكمه، بغض شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، الإستهزاء بشيء من الدين، السحر، مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، إعتقاد أن بعض الناس لا يجب عليه إتباعه صلى الله عليه وسلم، الإعراض عن دين الله وعدم تعلمه ولا العمل به.

الشيخ محمد بن عبد الوهاب الدرر السنية ط/5 (10/91)

المصّر على المعصية، وهو يعلم أنها معصية، فهذا مستحل، وهذا كفره ظاهر، كأن يقول:الرّبا أنا أعلم أنه حرام لكننىسأكله، والزّنا حرام لكننى سأفعله، هذا مستحّل، واضح الإستحلال فيه، فلا شك فى كفر مثل هذا الرجل.

أبو إسحاق الحويني فى شريطه (( الإتباع وأثره((

تعليق:

هذه الفتاوى غير دقيقة، وهى مكتوبة بعبارات عامة وكلام إنشائى، يؤدى إلى نتائج فى غاية الخطورة؛ فهى تفتح أبواب تكفير المسلمين على مصاريعها أمام كثير من المتدينين الذين يسيئون فهم عباراتها والعمل بها؛ فأى إنسان غافل يمكن وصفه بأنه مصاب ب: "الإعراض عن دين الله وعدم تعلمه ولا العمل به" كما تقول هذه الفتوى، وبالتالى يكون كافراً، إذا لم يحضر درس العلم الذى دعى إليه مثلاً، أو أنه: "يفضل شيئا من هدي أو حكم غير النبي صلى الله عليه وسلم على هديه وحكمه" فيكون كافراً أيضاً، إذا حلق لحيته مثلاً، وتكفير المصر على المعصية هو منهج الخوارج.

التعقيب:                                    

الذنوب التى يقترفها المسلم، كبائر أو صغائر، لا يخرج بها عن الإسلام، مصداقاً لقوله تعالى ﴿إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[1]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبادة بن الصامت «وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ»[2].

وقد ذكر العلماء أن الكفر شىء عظيم، فلا يجعل المؤمن كافراً متى وجد إحتمال أنه لا يكفر، ولا يكفر مسلم إلا إذا أتفق العلماء على أن ما أتى به يوجب الردة، كما أنه لا يُكفر مسلم متى كان لكلامه أو فعله إحتمال ولو بعيداً يوجب عدم تكفيره.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا جَازَ عَلَيْهِ» هذا وعيد عظيم لمن كفر أحداً من المسلمين بغير حق؛ ولا يكفر أحد إلا بإنكار المتواتر من الشريعة عن صاحبها؛ لأنه يكون مكذباً للشرع؛ فمن أعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين؛ كلحم الخنزير والزنى وأشباهه مما لا خلاف فيه كفر، وإن إستحل المعاصى الظاهرة كقتل المعصومين، وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل كفر، وإن كان بتأويل كالخوارج؛ فقد ذهب أكثر الفقهاء لعدم الحكم بكفرهم مع إستحلالهم دماء المسلمين وأموالهم، ويحكم بمثل هذا فى كل محرم أستحله صاحبه بتأويل فلا يكفر.

قال ابن قدامة: وقد رُوي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر مستحلاً لها، فأقام عمر عليه الحد، ولم يكفره. وكذلك أبو جندل بن سهيل، وجماعة معه، شربوا الخمر بالشام مستحلين لها، مستدلين بقول الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا[3]. فلم يكفروا، وعرفوا تحريمها، فتابوا، وأقيم عليهم الحد. فيخرج فيمن كان مثلهم مثل حكمهم. وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله، لا يحكم بكفره حتى يعرف ذلك، وتزول عنه الشبهة، ويستحله بعد ذلك[4].

وهذه القواعد المنضبطة المنقولة عن أهل العلم المحققين كابن قدامة، خير من المسارعة بالتكفير، ووضع عبارات عامة غير مانعة ولا دقيقة، كهذه النواقض العشرة المزعومة للإسلام، والتى هى من الأبواب الموقعة فى تكفير المسلمين بغير حق، والتى أوقعت فى شباكها الكثير من الشباب المتدين فى هذا العصر، بسبب صياغتها العامة غير المنضبطة، وفتح الباب للتكفير بغير سلطان ولا برهان، والله تعالى أعلم.

يقول الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري:

ذكر عن أبي الحسن الأشعري رحمه الله أنه قال لما حضرته الوفاة: أشهدوا على بأنى لا أكفر

أحداً من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون لمعبود واحد. قال الإمام الذهبي: وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية فى أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر أحداً من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم.

فأنظر إلى هؤلاء الأئمة أبي الحسن الأشعري وابن تيمية والإمام الذهبي، فهؤلاء قد خبروا الفرق، ودرسوا أحوالها ورجالها، وألفوا فى الردود عليها، فهم من أعلم الناس بمقالات الفرق؛ ومع ذلك أثر هذا عندهم الورع الشديد أن يكفروا أحداً، فما بالك بغيرهم ممن لم يبلغ علمهم، ثم يتقحم شفير التكفير[5].

وفى مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه: لا يكفر المسلم إلا إذا أتى بقول أو بفعل أو إعتقاد دل الكتاب والسنة على كونه كفراً أكبر يخرج من ملة الإسلام، أو أجمع العلماء على أنه كفر أكبر.. ولا يكفر المسلم إلا إذا توفرت فيه شروط التكفير، وإنتفت عنه موانعه، ومن ذلك أن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً غير معذور بجهل أو تأويل فيما يكون فيه الجهل والتأويل عذراً. والله أعلم. [6]

د/ محمد فؤاد


[1] النساء 116.

[2] البخاري 18.

[3] سورة المائدة

[4] المغني لابن قدامة 9/21، وفي حاشية ابن عابدين4/224: الكفر شيء عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر ا هـ وفي الخلاصة وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنعه فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينا للظن بالمسلم، زاد في البزازية إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل ح وفي التتارخانية: لا يكفر بالمحتمل، لأن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية، ومع الاحتمال لا نهاية ا هـ والذي تحرر أنه لا يفتى

بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن، أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة، فعلى هذا

فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتى بالتكفير فيها، ولقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها ا هـ

[5] فضيلة الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية –سابقا، موقع الإسلام اليوم على شبكة المعلومات.

[6] مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه رقم الفتوى 8106 الأمور التي تحكم بها على الإنسان بالكفر. تاريخ الفتوى: 28 صفر 1422.