ملخص الفتوى:
لا يجوز تهنئة
الكفار بأعيادهم؛ لأن فى ذلك تعاوناً على الإثم وقد نُهينا
عنه، ورضا بما هم عليه من الباطل؛ وذلك لا يجوز.
اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء 3/313
الشيخ سعيد عبد العظيم
www.alsalafway.com
تعليق:
لا بأس بتهنئة غير المسلمين بأعيادهم لمن كان بينه وبينهم
صلة قرابة أو جوار، أو
نحوها،
ولكن لا يشترك فى الطقوس الدينية التى هى من خصائص
المسيحيين وقرباتهم الدينية.
والمحرم المنهى عنه هو
الإعجاب بما عندهم من عقائد وتشريعات تخالف الإسلام. وكذلك
موالاتهم ونصرتهم على حساب المسلمين.
التعقيب:
وضع
القرآن الكريم دستور العلاقة بين المسلمين وغيرهم فى آيتين
من كتاب الله تعالى فى سورة الممتحنة، وقد نزلت فى شأن
المشركين الوثنيين، فقال تعالى: ﴿لَا
يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ
فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن
تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ،
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ
فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا
عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن
يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
(الممتحنة 8،9). ففرقت الآيتان بين المسالمين والمحاربين؛
فالأولون: شرع برهم والإقساط إليهم، يعنى: العدل
والإحسان
والفضل، وأما الآخرون الذين نهت الآية الأخرى عن موالاتهم:
فهم الذين عادوا المسلمين وقاتلوهم، وأخرجوهم من أوطانهم
بغير حق.
وقد روى الشيخان عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ
أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول
الله، إن أمى قدمت على وهى مشركة، وهى راغبة (أى فى صلتها
والإهداء إليها) أفأصلها؟ قال: "صلى أمك" ( متفق عليه).
هذا وهى مشركة، ومعلوم أن موقف الإسلام من أهل الكتاب أخف
من موقفه من المشركين الوثنيين.
وقد أجاز
القرآن مؤاكلتهم ومصاهرتهم، ومن لوازم
ذلك:
وجود المودة بين الزوجين،
ووجود
الأمومة وما لها من حقوق مؤكدة على ولدها فى الإسلام،
فمن
البر والمصاحبة بالمعروف أن يهنئها
بعيدها، وأن
يظهر
دائماً بالخلق
الحسن،
الذى
أوصى
به
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «وَخَالِقْ
النَّاسَ
بِخُلُقٍ
حَسَنٍ»[1].
هكذا قال: "خالق الناس" ولم يقل: خالق المسلمين بخلق حسن.
وتتأكد مشروعية تهنئة القوم بهذه المناسبة إذا كانوا
يبادرون بتهنئة المسلم بأعياده الإسلامية، فقد أمرنا أن
نرد التحية بأحسن منها، أو بمثلها على الأقل، كما قال
تعالى: ﴿وَإِذَا
حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا
أَوْ رُدُّوهَا﴾
(النساء 86).
ويتأكد هذا إذا أردنا أن ندعوهم إلى الإسلام ونقربهم إليه،
وهذا واجب علينا،
وهو
لا يتأتى بالتجافى بيننا وبينهم بل بحسن التواصل.
وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسن الخلق، كريم
العشرة، مع المشركين من قريش، طوال العهد المكى، مع
إيذائهم له، وتكالبهم عليه، وعلى أصحابه. حتى إنهم ـ
لثقتهم به عليه الصلاة والسلام ـ كانوا يودعون عنده
ودائعهم؛
فلا مانع أن يهنئهم المسلم مشافهةً أو بالبطاقات التى لا
تشتمل على شعار أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام.
والكلمات المعتادة للتهنئة فى مثل هذه المناسبات لا تشتمل
على أى إقرار لهم على دينهم، أو رضا بذلك، إنما هى كلمات
مجاملة تعارفها الناس.
ولا مانع من قبول الهدايا منهم، ومكافأتهم عليها، فقد قبل
النبي صلى الله عليه وسلم هدايا غير المسلمين مثل المقوقس
عظيم القبط بمصر وغيره، بشرط ألا تكون هذه الهدايا مما
يحرم على المسلم كالخمر ولحم الخنزير[2].
أما الأعياد الوطنية والإجتماعية، مثل عيد الإستقلال، أو
الوحدة، أو الطفولة والأمومة ونحو ذلك، فليس هناك حرج على
المسلم أن يهنئ بها، بل يشارك فيها، بإعتباره مواطناً أو
مُقيماً فى هذه الديار على أن يجتنب المحرمات التى تقع فى
تلك المناسبات.
د/ ياسر عبد العظيم
[1]
رواه
الترمذي
وقال: حسن صحيح.