ملخص الفتوى:
المساجد التى فيها قبور لا يصلى فيها، والصلاة فيها محرمة.
الشيخ ابن باز مجموع فتاوى ومقالات 5/388-389
تعليق:
إذا كان القصد من الصلاة إلى القبر تعظيمه فهى حرام
وباطلة، بصرف النظر عن وضع القبر، وإذا إنتفى هذا القصد
كانت مكروهة مع الصحة إذا كان القبر أمام المصلى، وإلا فلا
كراهة.
التعقيب:
روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
«قَاتَلَ
اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا
قُبُورَ
أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»
وروى مسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس
«وَإِنَّ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ
أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ
أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ
إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»،
وروى الجماعة إلا البخاري وابن ماجه قوله
«لَا
تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ
وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا».
تحدث العلماء عن هذه الأحاديث فقال بعضهم: محل الذم أن
تتخذ المساجد على القبور بعد الدفن، وليس ذلك مذموماً إذا
بنى المسجد أولاً وجعل القبر فى جانبه ليدفن فيه واقف
المسجد أو غيره. لكن العراقى قال: الظاهر أنه لا فرق، وأنه
إذا بنى المسجد لقصد أن يدفن فى بعضه أحد فهو داخل فى
اللعنة، بل يحرم الدفن فى المسجد، وإن شرط أن يدفن فيه لم
يصح الشرط، لمخالفته لمقتضى وقفه مسجداً.
وإذا كان بعض العلماء قد حمل النهى على التحريم فإن البعض
الآخر حمل على الكراهة، بمعنى أن الصلاة إلى القبر صحيحة
لكن مع الكراهة. والذين قالوا بصحتها مختلفون، فقال بعضهم:
هى مكروهة سواء أكان القبر أمام المصلى أم خلفه أم عن
يمينه أم عن يساره. وقال آخرون: محل الكراهة إذا كان القبر
أمامه، لأن هذا الوضع هو الذى يراد من إتخاذه مسجدا ومن
الصلاة فيه أو إليه. أما إذا كان القبر خلفه أو عن يمينه
أو عن يساره فلا كراهة.
والأئمة الثلاثة قالوا بصحة الصلاة وعدم كراهتها، اللهم
إلا إذا كان القبر أمام المصلى فتكون مكروهة مع الصحة.
وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى تحريم الصلاة والحكم
ببطلانها ـ ومحل هذا الخلاف إذا كان القبر فى المسجد، أما
إذا كان مفصولاً عنه والناس يصلون فى المسجد لا فى الضريح
أو الجزء الموجود فيه القبر فلا خلاف فى الجواز وعدم
الحرمة أو الكراهة.
والمختار أنه إذا كان القصد من الصلاة إلى القبر تعظيمه
فهى حرام وباطلة بصرف النظر عن وضع القبر، وإذا إنتفى هذا
القصد كانت مكروهة مع الصحة إذا كان القبر أمام المصلى
وإلا فلا كراهة[1].
د/ أحمد عيد
[1]
فتاوى دار الإفتاء المصرية: الموضوع (56) المفتي:
فضيلة الشيخ عطية صقر. مايو 1997