ملخص الفتوى: قال الشيخ ابن عثيمين:

نقول لمن أسند إليه تدريس مادة الجغرافيا: يبين للطلبة أن القرآن الكريم والسنة كلاهما يدل بظاهرة على أن تعاقب الليل والنهار، إنما يكون بدوران الشمس على الأرض لا بالعكس.         

كتاب مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين الجزء رقم 1 الصفحة رقم 39

وقال الشيخ ابن باز:

أهدرت فى المقال دم من قال إن الشمس ثابتة لا جارية بعد إستتابته، وما ذلك إلا لأن إنكار جرى الشمس تكذيب لله سبحانه، وتكذيب لكتابه العظيم، وتكذيب لرسوله الكريم.

موقع الشيخ ابن باز على الإنترنت[1]

تعليق:

الأمور التى لم يرد فيها نص قطعى من الوحى تُرد إلى أهل الإختصاص من علماء الفلك وغيرهم، أما مثل هذه الفتاوى فهى إساءة بالغة لصورة الإسلام وأهله فى جميع أنحاء العالم.

التعقيب:

ليس فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ما ينفى حركة الأرض ودورانها أو يثبت سكونها وإستقرارها، وهناك آيات ذكر بعض المفسرين أنها تدل إجمالاً على حركة الأرض ودورانها... وقد تواترت الأخبار من علماء الفلك المسلمين وغير المسلمين أن الأرض تدور وتتحرك كغيرها من الكواكب المبثوثة فى هذا الكون، فلا تكاد اليوم تطالع كتاباً يتحدث عن هذا الموضوع إلا وجدته يقرر هذه الحقيقة.

يقول الدكتور حماد العبيدي فى كتابه "الكون من الذرة إلى المجرة"[2]:

تسبح الأرض بنا فى الفضاء كأنها سفينة... وعند سيرها فى دورانها حول الشمس تسير مهتزة متمايلة وتبدو وكأنها تتدرج إلى الوراء ذلك أنها تدور ضد عقارب الساعة وبسرعة تزيد عن (23) كم فى الثانية فكأنها صاروخ عابر للقارات، ورغم هذه السرعة المدهشة فإننا لا نشعر بشيء منها، لأن قوة جاذبية الأرض وثقل ضغطها الجوى على رؤوسنا يثبتنا على سطحها تثبيتاً يجعلنا كأننا جزء من أديمها، وذلك من عجيب صنع الله تعالى.

هذه الدورة للأرض حول الشمس هى التى تنتج عنها الفصول الأربعة، وتتم فى سنة هى السنة الشمسية التى يجرى الحساب بها فى سائر الأنشطة والأعمال التى يقوم بها الناس، وهناك دورة ثانية للأرض تتم فى نفس الوقت مع دورانها حول الشمس، هذه الدورة هى دورتها حول نفسها من الغرب إلى الشرق فى إتجاه عقارب الساعة بسرعة (1609) كم فى الساعة وتكملها فى أربع وعشرين ساعة وينشأ عنها الليل والنهار.

وهذا ما درج عليه علماء التفسير فى هذا العصر، حيث يقول الدكتور وهبة الزحيلي فى كتابه التفسير المنير: وكل من الشمس والقمر والأرض يسبح ويدور فى فلكه فى السماء كما يسبح السمك فى الماء، فالشمس تسير فى مدار نصف قطره (93) مليون ميل، وتتم دورتها فى سنة، والقمر يدور حول الأرض كل شهر فى مدار نصف قطره (24) ألف ميل، والأرض تدور حول الشمس فى سنة، وحول نفسها فى يوم وليلة.

ويقول فى موضع آخر:.... فالأرض الكروية تدور حول نفسها فى مواجهة الشمس، فالجزء الذى يواجه الشمس من سطحها المكور يغمره الضوء ويكون نهاراً، ولكن هذا الجزء لا يثبت لأن الأرض تدور، وكلما تحركت بدأ الليل يغمر السطح الذى كان عليه النهار.

وحركة الأرض ودورانها ليست من الواجب عقلاً أو المستحيل عقلاً بل هى من الجائز، فإذا أثبت أهل الإختصاص من المسلمين وغيرهم هذه الحقيقة ولم يكن فى شرعنا ما يخالفها، فإن علينا أن نسلم بذلك ونحن على يقين جازم بأن ثابت الوحى لن يتعارض مع حقيقية علمية ثابتة، فمرد هذه الأمور التى لم يرد نص فيها قطعى من الوحى إلى أهل الإختصاص من علماء الفلك، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ (الفرقان:59)، ويقول تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (النحل:43)، ومما يجدر وضعه فى الإعتبار أن هذه المسألة لا يترتب عليها حكم شرعى ولا ينبنى عليها عمل تكليفى، فينبغى أن يكون البحث فيها لأهل الإختصاص من علماء الفلك. والله أعلم[3]. 

د/ محمد فؤاد