ملخص الفتوى:
أجاب
بعدم جواز
كتابة القصص الكاذبة للتربية.
فتاوى اللجنة الدائمة 12/187.
الشيخ سعيد عبد العظيم
www.alsalafway.com
تعليق:
كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح
إن كان المقصود مباحاً، وإن كان واجباً فهو واجب.
التعقيب:
الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن التوصل
إليه بالصدق وبالكذب جميعاً فالكذب فيه حرام، وإن أمكن
التوصل إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح إن كان
تحصيل ذلك القصد مباحاً وواجب إن كان المقصود واجباً.
والدليل عليه ما صح فى الحديث من جواز الكذب لتحقيق مصلحة
دون مضرة للغير تذكر، وذلك فيما رواه البخاري ومسلم عن أم
كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت: سمعت رسول اللَّه صلى
الله عليه وسلم يقول «لَيْسَ الْكَذَّابُ
الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ
يَقُولُ خَيْرًا»، وفى رواية زيادة هى: قالت: ولم
أسمعه يرخص فى شيء مما يقول الناس إلا فى ثلاث، تعنى
الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث
المرأة زوجها. والمراد بالحديث بين الزوجين هو عن الحب
الذى يساعد على دوام العشرة، والشواهد عليه كثيرة وليس فى
أمور أخرى تضر بالحياة الزوجية.
ورأى بعض العلماء الإقتصار فى جواز الكذب على ما ورد به
النص فى الحديث، ولكن جوزه المحققون فى كل ما فيه مصلحة
دون مضرة للغير؛
ومنه كذب عبد اللّه بن عمرو بن العاص على الرجل الذى أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة، فلازمه أياماً
ليعرف حاله، وأدعى أنه مغاضب لأبيه[1].
والخلاصة: أن الكذب الجائز هو الذى لا يترتب عليه ضرر
وتتحقق به مصلحة مشروعة، وهو جائز ولكن ينبغى
أن يكون فى أضيق الحدود. لما فيه من ضرر للغير ولو كان
بسيطاً فى نظر الكاذب فقد يكون كبيراً فى نظر المكذوب
عليه.
وقصص الأطفال هى حكايات لشخصيات ذات أحداث وقعت، أو أحداث
متخيلة فى الماضى
أو الحاضر أو المستقبل. وهو أسلوب للتثقيف والترفيه، فإن
كان صادقاً شكلاً وموضوعاً، ويستهدف غرضاً شريفاً أعطى حكم
الخبر الصادق، وهو الجواز.
وإن كانت الشخصيات إختراعية، كما هو الشأن فى القصص الذى
لا يعنى شخصاً معيناً، وقد يكون على لسان بعض الحيوانات
كما فى كتاب "كليلة ودمنة" فإن كان الهدف صحيحاً، والمادة
لا تحوى أمراً محظوراً، ولم يؤد تعلمه إلى تقصير فى واجب
أو ضرر بدنى
أو عقلى
أو مالى
أو خلقى
أو غير ذلك من الأضرار كان حلالاً[2]،
وهذه قيود دقيقة لضبط القصص المقبول من غيره، والخروج على
أى واحد منها يجعله ممنوعاً بقدر ما يكون عليه الخروج من
حرمة أو كراهة. فلو كان الهدف منه إستهزاء بشخصية محترمة،
أو دعوة إلى مبدأ مخالف للدين والخلق، أو كانت المادة
محرمة ككذب أو إختلاق حديث نبوى
مثلاً، أو أدى إلى فتنة أو ضرر لا يحتمل كان ممنوعاً.
والله أعلم[3].
د/ أنس أبوشادي
[1]
رواه أحمد بسند مقبول " الترغيب والترهيب ج 3 ص
219 ".
[2]
في رد المحتار: وَحَدِيثُ " { حَدِّثُوا عَنْ
بَنِي إسْرَائِيلَ } " يُفِيدُ حِلَّ سَمَاعِ
الْأَعَاجِيبِ وَالْغَرَائِبِ مِنْ كُلِّ مَا لَا
يُتَيَقَّنُ كَذِبُهُ بِقَصْدِ الْفُرْجَةِ لَا
الْحُجَّةِ، بَلْ وَمَا يُتَيَقَّنُ كَذِبُهُ
لَكِنْ بِقَصْدِ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ
وَالْمَوَاعِظِ وَتَعْلِيمِ نَحْوِ الشَّجَاعَةِ
عَلَى أَلْسِنَةِ آدَمِيِّينَ أَوْ حَيَوَانَاتٍ
ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ. ( قَوْلُهُ لَكِنْ
بِقَصْدِ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ إلَخْ ) وَذَلِكَ
كَمَقَامَاتِ الْحَرِيرِيِّ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ
أَنَّ الْحِكَايَاتِ الَّتِي فِيهَا عَنْ
الْحَارِثِ بْنِ هَمَّامٍ وَالسَّرُوجِيِّ لَا
أَصْلَ لَهَا، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا عَلَى هَذَا
السِّيَاقِ الْعَجِيبِ لِمَا لَا يَخْفي عَلَى
مَنْ يُطَالِعُهَا. رد المحتار 6/405.
[3]
فتاوى دار الإفتاء المصرية:
الموضوع (13)، (65)، (116) المفتي: فضيلة الشيخ
عطية صقر. مايو 1997.